قررت لجنة من كبار علماء الجيولوجيا عدم منح “حقبة التأثير البشري” مكانا خاصا في الجدول الزمني الجيولوجي للأرض، بعد خلاف حول الموعد المحدد لبدء عصرنا.
وبعد 15 عاما من المداولات، أثبت فريق من العلماء أن البشرية غيرت العالم الطبيعي بشكل جذري لدرجة أنها أطلقت حقبة جديدة في تاريخ الأرض.
من ارتفاع مستويات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، إلى انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة، وهلاك الكثير من الأنواع الأخرى، والتداعيات الناجمة عن التجارب النووية… عوامل كثيرة قدمت كدليل على أن العالم دخل عصر الأنثروبوسين، أو حقبة التأثير البشري، في منتصف القرن العشرين.
لكن الاقتراح رفض في تصويت مثير للجدل أيده الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية، وفق ما ذكرت الهيئة الإدارية الناظمة لهذا المجال في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني الخميس.
وأشارت إلى أنه تمت الموافقة على القرار “برفض اقتراح اعتبار عصر الأنثروبوسين وحدة رسمية لمقياس الزمن الجيولوجي”.
ولا يوجد سبيل لاستئناف هذا القرار، رغم أن بعض المشاركين في لجنة التصويت أبدوا شكوكا بشأن سير عملية التصويت ومدى التزامها بالإجراءات القانونية الواجبة.
ونفى الاتحاد هذه الادعاءات، واصفا النتيجة بأنها “رفض حاسم لاقتراح الأنثروبوسين” من جانب خبراء بارزين في هذا المجال.
وسجل الاتحاد أربعة أصوات مؤيدة و12 أخرى معارضة، وامتناع ثلاثة عن التصويت.
ورغم ذلك، سيبقى عصر الأنثروبوسين مصطلحا مستخدما على نطاق واسع، إذ “سيبقى وصفا قيما للغاية للتأثير البشري على نظام الأرض”.
وفي عام 2009، بدأ العلماء تحقيقا خلص في النهاية إلى أن عصر الهولوسين الذي بدأ قبل 11700 عام مع انتهاء العصر الجليدي الأخير، أفسح المجال لحقبة الأنثروبوسين بحدود العام 1950.
وجمع هؤلاء مجموعة أدلة لإثبات ذلك، بينها آثار لمواد مشعة في رواسب بحيرات، واضطرابات عالمية للنباتات والحيوانات، و”ملوثات أبدية” موجودة في كل مكان.
لكن المعارضين لهذا الخيار يقولون إن تأثير البشرية على التشكيل الجيولوجي للكوكب بدأ قبل فترة طويلة من خمسينات القرن العشرين، متحدثين عن محطات محددة مثل ظهور الزراعة والثورة الصناعية.
وقال مارتن هيد، الذي كان جزءا من الفريق المدافع عن الأنثروبوسين، إن هناك “عددا لا يحصى من الإشارات الجيولوجية”، معربا عن أسفه للطريقة التي تم بها التعامل مع هذه العملية.
وأضاف هيد، وهو أستاذ في علوم الأرض في جامعة بروك في كندا، لوكالة فرانس برس “أشعر أننا كنا أمام فرصة ضائعة للاعتراف وتأييد حقيقة بسيطة، وهي أن كوكبنا فقد حالته الطبيعية في منتصف القرن العشرين”.
وقال عالم البيئة الناقد لاقتراح الأنثروبوسين إيرل إليس، إنه لم يكن هناك خلاف على أن “حقبة التأثير البشري” قد أدت إلى تغيرات عميقة في الكوكب.
لكن إليس، وهو أستاذ في الجغرافيا والأنظمة البيئية بجامعة ميريلاند، لفت إلى أن العلماء لم يكونوا مقتنعين بأن هذا التأثير يمثل حقبة قائمة بذاتها، ولا أنها بدأت بشكل نهائي قبل سبعة عقود فقط.
وقال لوكالة فرانس برس في وقت سابق من هذا الشهر بعد رفض الاقتراح مرة أولى “الحقيقة هي أنه لم تكن هناك حاجة على الإطلاق لحدود ثابتة. لم يكن هذا هو الأمر الحاسم”.
بتصرف عن (أ ف ب)