ثقة تيفي
سجل الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، اليوم الاثنين بالرباط، النسبة الضئيلة لعدد المستفيدين من الإفراج المقيد بشروط، حيث لم يتجاوز 408 مستفيدا منذ سنة 2019 إلى غاية سنة 2023ـ
ويشكل ذلك العدد، نسبة 5.8 بالمئة من مجموع الملفات المحالة من طرف المندوبية العامة على مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، والبالغ مجموعها 6972 ملفا، استنادا إلى المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج الواردة في تقريرها الأخير.
وفي المقابل، أكد الداكي في افتتاح ندوة علمية حول “الإفراج المقيد بشروط بين متطلبات التفعيل وتحديات توسيع فرص الإفراج وإعادة الادماج”، أن عددا من الدول تحرص على تفعيل الإفراج المقيد بشروط بشكل مكثف، بحيث يصل عدد المستفيدين منه بكل من اسبانيا وفرنسا على سبيل المثال إلى حوالي 8000 مستفيد سنويا، والى 18000 مستفيدا في السنة بكندا.
و اعتبر الوكيل العام للملك، أن واقع الحال يقتضي إيجاد أجوبة عن التساؤلات، التي قد تشكل عائقا لاعتماد مثل هذه الآلية القانونية في المغرب، لتيسير إعادة إدماج بعض النزلاء متى توفرت شروط ذلك.
وكشف في هذا السياق، عزم رئاسة النيابة العامة، على مواكبة قضاة النيابة العامة لتفعيل مختلف أدوارها المحددة قانونا في سبيل الدفع قدما لإعمال آلية الإفراج المقيد بشروط، سواء ما يرتبط بالحرص على تجهيز الملفات في آجال معقولة بهدف رفعها إلى وزارة العدل ذات الاختصاص، أو من خلال مواكبة مدى تقيد المفرج عنهم بالضوابط القانونية التي تحكم الإفراج عنهم. وكذلك التدخل عند الاقتضاء كلما عمدوا إلى خرق تلك الضوابط، بإعادة كل من يخالفها أو يتجاوزها إلى المؤسسة السجنية لقضاء ما تبقى من عقوبته قبل الإفراج عنه وفق المحددات القانونية في هذا الإطار .
واعتبر الداكي، أن موضوع الإفراج المقيد له راهنية في ظرفية تشهد اهتماما متزايدا بوضعية المؤسسات السجنية وبظروف اعتقال السجناء، وما يتصل بهما من إكراهات يفرضها اكتظاظ بعض المؤسسات السجنية، وما يترتب عن ذلك من آثار سلبية تعيق مجهودات الإصلاح المبذولة.
لكنه شدد على أن “الآليات القانونية التي أتاحها المشرع، والتي تخول إمكانية انقضاء العقوبة السالبة للحرية قبل تمام مدتها، لا يجب أن تختزل أهميتها في التخفيف من اكتظاظ السجون بقدر ما يجب اعتبار واستحضار ما تكتنفه من حمولة إصلاحية، تكرس تثمين مسار السجناء المدانين الذين انخرطوا بجدية في برامج الإصلاح والتأهيل”، كما تشكل عاملا محفزا لمعظم السجناء لأجل الانخراط التلقائي في هذه البرامج والتطلع إلى الاندماج المجتمعي بعد الإفراج بشكل سليم وفعال.
وذكر في هذا الإطار، أن الافراج المقيد بشروط، من الآليات القانونية التي أقرها المشرع المغربي، وأحاطها بشروط توازي بين فلسفة الإصلاح والتأهيل والتحفيز، و بين متطلبات الردع الذاتي واستشعار الخطأ المرتكب، عبر وجوب قضاء المدان لجزء من مدة العقوبة المحكوم بها عليه.
مشيرا في ذلك، إلى أن العقوبة إذا كانت جنائية وجب على المدان قضاء نصف المدة المحكوم بها عليه، وإذا كانت جنحية وجب عليه قضاء ثلتي المدة المحكوم بها عليه.
ويرى الداكي، أنه تكريسا لجدوى برامج الإصلاح والتأهيل، ولمصداقية المؤسسات السجنية كمؤسسات إصلاحية تربوية، وإنصافا لما بذله السجين من جهد وانضباط خلال فترة اعتقاله، وقضاء جزئيا فترة العقوبة المنصوص عليها ضمن مقتضيات قانونية حصرية، أن يعانق الحرية قبل موعد انتهاء محكوميته.
وقال “لا شك أن تنفيذ العقوبة على كل محكوم عليه تترتب عنه آثار قانونية تتفاعل مع انتظارات الضحية والمجتمع على حد سواء. غير أنه لا بد وأن تكون فلسفة المشرع من إقرار العقوبة حاضرة ونحن نتحدث عن تأهيل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية وإعادة إدماجهم بعد الإفراج عنهم اجتماعيا واقتصاديا”.
و أوضح، أن آلية الإفراج المقيد من بين الممارسات الفضلى التي اعتمدتها جل الأنظمة الجنائية كوسيلة لتثمين تأهيل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، وكذلك لاختبار وتقييم سلوك المفرج عنهم بشروط ومدى تشبعهم فعليا ببرامج التكوين والتأهيل داخل المؤسسات السجنية.
وهي (آلية الإفراج المقيد) بذلك –يضيف المصدر ذاته-، تلعب دورا أساسيا في الحيلولة دون العود إلى ارتكاب الجريمة من طرف هؤلاء. هذا فضلا عما يمكن أن يتحقق من خلال تفعيلها من التخفيف من الاكتظاظ الذي تعرفه بعض المؤسسات السجنية، أن آلية الإفراج المقيد
ودعا الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، لمناقشة موضوع الإفراج المقيد بشروط بما يتطلبه من مقاربة علمية، ومكاشفة صريحة ترصد المعيقات والتحديات القائمة، وتستشرف الرهانات المطروحة باستحضار مسؤول لأبعاده الإصلاحية والتربوية والتنموية أيضا.
وكذلك بجرأة في ابتكار حلول عملية وواقعية، تلامس إرساء تفعيله كآلية تكرس إشاعة الأمل لدى نزلاء المؤسسات السجنية في معانقة الحرية، و استشراف اندماج نموذجي في المجتمع.