جيل كورونا يدخل المدارس .. فماذا أعدت الوزارة لتأهيلهم نفسيا؟

ثقة تيفي

يفرض سياق الدخول المدرسي لهذه السنة الانتباه إلى أننا أمام جيل فريد يلج لأول مرة أقسام التربية المدرسية.

ففي خِضَمّ وباء كوفيد-19، ولد وترعرع جيل جديد شهد طفولته المبكرة في ظل ظروف استثنائية (إغلاقات، تباعد اجتماعي، كمامات)، تركت أثرًا نفسيا واجتماعيا كبيرًا على نموه.

ولقد عاش المغرب تحت إجراءات الحجر الصحي لحوالي ثلاث سنوات.

ومع دخول هذا الجيل الآن، مرحلة رياض الأطفال والمدارس الابتدائية، تتزايد مخاوف المختصين بشأن تأثر تحصيلهم الدراسي وتطورهم الشامل بتلك الظروف المحيطة بواقع الوباء، في ظل دراسات أكدت معاناة ذلك الجيل من مشاكل صحية مختلفة ترتبط بما يسميه العلماء “متلازمة ما بعد كوفيد 19”.

ومن حيث الأرقام الرسمية فالأمر يتعلق بأزيد من مليون و813 ألف تلميذة وتلميذ من المسجلين الجدد في الموسم الدراسي 2024-2025، بالتعليم العمومي وحده.

وهو ما يؤشر على حجم الظاهرة التي يتوقع أن تبصم المسار الدراسي لهذا الجيل.

وبالعودة إلى الدراسات التي اكتشفت معاناة “جيل كورونا” الصحية، فهي تؤكد أن الأطفال الذين وُلِدوا خلال الوباء يعانون من تأخر نطقهم وبطء تطور مهاراتهم اللغوية، مقارنة بأقرانهم الذين وُلِدوا قبل الوباء، ويعزى ذلك إلى نقص التفاعلات الاجتماعية المباشرة، التي تُعَد أساسية في تعلم اللغة.

كما أفادت الدراسات أن ارتداء الكِمَامات حدَّ من قدرة الأطفال على فهم تعبيرات الوجه وقراءة لغة الجسد، ما أثر على تطورهم الاجتماعي والعاطفي.

وأشارت التقارير إلى زيادة التصرفات السلبية لدى الأطفال، مثل العنف والعدوان، وصعوبة التركيز والتكيف مع العادات المدرسية.

ويعود ذلك إلى الشعور بالقلق والتوتر الناتج عن الوباء، إضافة إلى نقص المهارات الاجتماعية التي اكتسبها الأطفال عادة من خلال اللعب والتفاعل مع أقرانهم.

وحدد الباحثون 18 عرضا مطولا كانت أكثر شيوعا لدى الأطفال في سن المدرسة بسبب متلازمة ما بعد كوفيد 19، بما في ذلك الصداع، تليها مشكلة في الذاكرة أو التركيز، وصعوبة في النوم، وآلام في المعدة.

وما سبق يؤكد أننا فعلا أمام وضعية تستدعي الاهتمام الفائق من جميع المتدخلين، من وزارة التربية الوطنية والرياضة إلى المجتمع المدني مرورا بأولياء هؤلاء الأطفال.

كما تستدعي وضع مخطط شامل يدمج جميع هؤلاء المتدخلين، من أجل مواكبة هؤلاء الأطفال مواكبة استثنائية تستحضر ما أكدته الدراسات حول أوضاعهم الصحية. وتنظيم حملات تحسيسية في صفوف آباء وأوليا هؤلاء التلاميذ لتنويرهم بمخرجات هذه الدراسات كي يتمكنوا من فهم الظاهرة، ويتهيؤوا للانفتاح على البرامج التي يفترض أن تكون الوزارة الوصية قد أعدتها لمثل هذه الأمور.

ولا عبرة من كون فئات ممن عاشوا ظروف الحجر الصحي قد ولجوا الحياة المدرسية دون أن تقع “كارثة”، ذلك أن الكارثة هنا ليست جماعية بل حالة صامتة يعانيها الطفل في صمت. وفي غياب أية دراسة رسمية تتبعت مسيرتهم الدراسية، فالعبرة بما نبه إليه العلماء حول جيل قضى سنواته الأولى في ظروف الحجر الصحي، وهي من السنوات الحاسمة في بناء شخصية الطفل.

وعلى مستوى الأساتذة المؤطرين لـ”جيل كوفيد”، فنفس الدراسات تؤكد أنهم يواجهون صعوبات كبيرة في التعامل مع هذه الفئة من الأطفال، حيث يفتقر العديد منهم إلى التدريب الكافي على طرق التعامل مع الذين يعانون من صعوبات في التعلم والسلوك.

وهذا يفرض اعتماد برامج تكوين وتدريب للأطر التربوية والإدارية كي يحسنوا التعامل مع هذا الجيل الذي كتب عليه أن يولد ويترعرع في ظروف الحجر الصحي.

كما تواجه المدارس، حسب نفس الدراسات، عقبات في توفير الدعم اللازم للأطفال وأسرهم، ولا سيما في المناطق المهمشة.

فالنقص في خدمات الصحة النفسية والعلاج اللغوي يُصعّب مهمة تقديم الرعاية المناسبة للأطفال الذين يحتاجون إليها.

إننا أما ظاهرة تمتاز بكونها صامتة، ويعاني ضحاياها في صمت، ودون فهم من أوليائهم ولا من طرف أساتذتهم وأطرهم التربوية، مما يتطل من الوزارة أخذ هذا الأمر بالجدية الكافية، والقيام بالمتعين لمساعدة هذا الجيل على الاندماج السلس والسليم في الدراسة وفي الحياة الاجتماعية.

أضف تعليقك

Leave A Reply

Exit mobile version